كيف يمكن للذكاء الاصطناعي إحداث ثورة في عالم التجارة الإلكترونية؟

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي إحداث ثورة في عالم التجارة الإلكترونية؟
بقلم/ ساشين ديف دوغال، مؤسس ورئيس التنفيذي

توسع استخدام الذكاء الاصطناعي في جميع مناحي الحياة، وبتنا نشهد استخداماته المذهلة في العديد من المجالات ، مثل: خدمة العملاء الصوتية الآلية، وخدمات الاستشارات المالية الرقمية وغيرها. أما التجارة الإلكترونية فقد نالت نصيبها من هذا الاستخدام، وأصبح استخدام الذكاء الاصطناعي فيها أكثر وضوحا من بقية الاستخدامات الأخرى. إذ عندما تبدأ البحث عن حقيبة يد لشرائها عبر الإنترنت، سرعان ما تظهر لك التوصيات والخيارات والتنبيهات بصورة متكررة من صفحات المتاجر المنتشرة على شبكة الإنترنت، والتي أنشأتها لوغاريتمات الذكاء الاصطناعي المضمنة في تلك الصفحات التي قمت بزيارتها مؤخرا أكثر من غيرها. هذا هو بالضبط إحدى ثمار استخدام الذكاء الاصطناعي في التجارة الإلكترونية !
كل هذه الميزات ما كان يمكن لها أن تتحقق لولا الاستعانة بالذكاء الاصطناعي وقدرته على جمع وتحليل المعلومات في الزمن الحقيقي ومساعدة المتاجر الإلكترونية في التعرف على العملاء وسلوكهم وأنماط الشراء الخاصة بهم والتأكد من أن استراتيجياتهم مرنة بما فيه الكفاية بحيث تستقطب مستخدمين وتزيد معدلات الشراء نسبة لجلسات التصفح ( Conversion Rates ). مما لا شك فيه أن المستخدمين باتوا على دراية بكل هذه الميزات وجزءا لا يتجزأ من عملية التسوق الرقمي، مما يدلل على تطور استخدام الذكاء الاصطناعي في التجارة الإلكترونية والترابط بينهما بصورة كبيرة.
هناك العديد من الوسائل الفعالة التي تعزز استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التجارة الإلكترونية، منها على سبيل المثال لا الحصر:
إضفاء الطابع الشخصي للتسوق
كلما كان هناك انسجام بين خيارات العميل وموقع التجارة الإلكترونية، كلما كان من السهل تقليل زمن الصفقة وزيادة مشاركة العميل ومعدلات الصفقات نسبة لعمليات التصفح ( Conversion Rates ) حتى عبر قنوات متعددة، وهذا بحد ذاته قد يكون ميزة في ظل أجواء تنافسية ودية. كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي في ” إضفاء الطابع الشخصي ” على تجربة التسوق بالنسبة للعميل عبر التحليل السريع للبيانات من شأنه أن يساعد المنتجات والعلامات التجارية على الظهور في الأسواق المستهدفة بكل سهولة.
تقوم اللوغاريتمات التي بنيت عليها مواقع التجارة الإلكترونية على جمع وتحليل المعلومات وتاريخ العميل وبيانات الطرف الثالث ومعلومات المحتوى وغيرها بهدف عرض أنسب نتائج بحث على مستخدمي ومتصفحي تلك المواقع. بيد أن روعة الذكاء الاصطناعي تكمن في قدرته على الذهاب أبعد من ذلك، وذلك من خلال تقديم توصية حول منتجات وخدمات أخرى للعملاء لاكتشافها والتعرف عليها بناء على تفضيلاتهم واهتماماتهم وعادات التصفح لديهم. وهذا بلا شك قد تلاحظه في العبارة التي تظهر لك أحيانا وتقول ” ربما ترغب بهذا المنتج أو هذه الخدمة أيضا”، وهي من العبارات الشائعة في مواقع التجارة الإلكترونية.

إعادة استهداف العميل غير المشتري
لا يمكن اعتبار الذكاء الاصطناعي مفيدا فقط للعملاء النشطين، بل يمكنه تحديد العملاء الذين غادروا موقع التجارة الإلكترونية في أية مرحلة من مراحل الشراء. وهذا بلا شك يساعد الشركات البائعة على إعادة صياغة استراتيجيات ” إعادة استهداف ” العميل وشد انتباهه من جديد إلى المنتجات والخدمات. هل تذكر تنبيهات الجوال والبريد الإلكتروني التي وردت إليك وتتحدث عن
” هناك شيء ما قد ترك في عربة التسوق”؟!! هذا هو بالضبط إعادة استهداف العميل وشد انتباهه من جديد وحمله على الشراء. بعض الشركات باتت تلجأ إلى الذكاء الاصطناعي لربط شبكة الإنترنت بكل ما هو خارجها من خلال – مثلا – استعمال تعابير الوجه للتعرف على فترات راحة العميل وما يبحث عنه. فإن هو قضى وقتا كافيا في البحث عن منتج، فسوف يتم حفظ معلومات البحث تلك للزيارة القادمة، ومع تطور استخدامات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن تكون هناك عروض خاصة على منتجات بعينها تظهر على شاشة العميل بناء على عاداته في التصفح.
عمليات البحث البصرية
نعتقد أن تقنية البحث البصرية سوف تحدث ثورة في عمليات التسوق. إذ باتت التطورات الهائلة في خاصية ” تعلم الآلة ” – والتي تعد فرعا أساسيا من الذكاء الاصطناعي – تمكن العملاء من التقاط صورة لمنتج أو مكان ما باستعمال تطبيق متخصص، ليبدأ البحث بعد ذلك عن أفضل منتج مطابق لما تم البحث عنه. والأهم من ذلك، هو كيف ومتى يمكن الحصول عليه؟، إلى جانب نجاح بعض منصات وسائل التواصل الاجتماعي، مثل : ( سناب تشات)و ( إنستغرام ) في ربط المستخدمين مباشرة مع صفحة بيع المنتج الظاهرة على موقع التجارة الإلكترونية، مما يدلل على المدى الذي بلغه الذكاء الاصطناعي في مجال التجارة الإلكترونية.
حاليا، تقوم Google Lens بتحديد أكثر من مليار منتج إلى جانب ميزة البحث عن صور المنتجات والخدمات الاعتيادية. وهذا ينطوي على فائدة بالنسبة للعملاء المهتمين بالأزياء والباحثين عن نوع معين منها، علما أن هذه الميزة يمكن استخدامها في مجالات أخرى بخلاف الأزياء، فمثلا يمكن من خلال إدخال صورة وجهة معروفة للعطلات أن تظهر لك نتائج حول الحرف المحلية أو التذكارات وهكذا.
عمليات المبيعات
بإمكان حلول البرمجيات الذكية إحداث ثورة في عالم المبيعات من خلال إجراء مهام متكررة تقليدية، مثل البحث عن عملاء متوقعين وتصنيفهم ومراقبة طلباتهم والتواصل مع العملاء الحاليين والمحتملين. كما باتت بعض الشركات تستعمل الذكاء الاصطناعي لإجراء عمليات مسح حول تفضيلات العملاء وتحديد أفضل العملاء المتوقعين والتركيز عليهم واستهدافهم.
تستطيع أدوات إدارة علاقات العملاء المتقدمة التعامل مع جميع الوظائف بصورة متزامنة، مما يجعل عملية إيجاد العملاء المتوقعين أقل صعوبة، ويحرر الشركة من استخدام موظفين أكفاء وتوجيههم للتركيز على استقطاب العملاء المتوقعين أو التفرغ لأنشطة أخرى.
المساعدون الافتراضيون وصناديق المحادثة الآلية
أحيانا قد لا يرتاح المرء لوجود موظف مبيعات يسير خلفه أثناء تسوقه من أحد المراكز التجارية، ولكن وجود هذا الموظف يوصل رسالة بأنه جاهز للمساعدة إن احتاجها العميل. وهذا بالضبط الدور الذي يلعبه كل من صندوق المحادثة الآلية والمساعدين الافتراضيين المشغلين بتقنية الذكاء الاصطناعي في عالم التجارة الإلكترونية اليوم. ويتلخص هذا الدور في تقديم الخدمة للعميل عند الطلب ودون إزعاجه أو السير خلفه، وهذا ما يزيد من حصيلة المبيعات.

شركات مثل: ( سيفورا ) و ( إتش آند إم ) ترى أن زيادة المبيعات تأتي من خلال الاستعانة بصندوق المحادثة الآلية، والذي يمكنه إجراء استطلاع لآراء العملاء وتقديم التوصيات الشخصية ( مع الصور غالبا ) والرد على الأسئلة المتكررة حول المنتجات والخدمات وتنبيه العملاء حول الحسومات والعروض. أيضا، بعض صناديق المحادثة الآلية بإمكانها المساعدة في تسجيل الطلبات وتنظيم المصاريف وغيرها من الوظائف الأخرى.
فلترة أوصاف المنتجات والخدمات الكاذبة والضارة
أكثر من 97% من العملاء يلجؤون إلى قراءة أوصاف المنتجات والخدمات قبل شراء أي منها، ولا شك في أن تأثير هذه الأوصاف على قرار العميل كبير جدا، ولهذا، فإن الوصف الكاذب والضار، وخاصة ذلك الذي يؤثر على تصنيف المنتجات والخدمات بإمكانه النيل من سمعة تلك المنتجات والخدمات في النهاية.
كشفت دراسة جامعية أن الذكاء الاصطناعي نجح في تحديد الأوصاف الضارة بصورة أفضل من البشر، وذلك من تحليل تلك الأوصاف والتعرف على الأنماط النصية الغريبة وأسلوب الكتابة والتنسيقات، وتنبيه فريق العمل للتحقق من النتائج المشكوك فيها. وعلى الرغم من أن هذا اللوغاريتم قد يحتاج وقتا لإثبات فعاليته، إلا أنه متطور لدرجة تمكنه من فصل القمح من الزوان !
الأمن الإلكتروني
من أبرز استعمالات الذكاء الاصطناعي في مجال الأمن الإلكتروني الخاص بالتجارة الإلكترونية هو التركيز الكبير على العمليات التي تجري والدفعات التي تحول، حيث يمكن استعمال خاصية ” تعلم الآلة ” لتعقب أنماط الشراء المشبوهة مثل الشراء من أجهزة غريبة أو الشراء بكميات كبيرة جدا. وفي مثل هذه الحالات، يمكن إطلاق إنذار في الزمن الحقيقي لإيقاف كل تلك العمليات وتعقبها والقضاء عليها والإبلاغ عنها.
بعض شركات المدفوعات ذهبت أبعد من مسألة التحقق الرقمي إلى ما يسمى ” توثيق العلامات الحيوية ” بدلا من ذلك، فلقد بات بإمكان العملاء استعمال بصمات الأصابع أو ميزة التحقق من ملامح الوجه قبل إجراء عملية الدفع ولاستبعاد إمكانية سرقة كلمة السر. وعلى الرغم من حداثة هذه التقنية، إلا أننا نتوقع لها أن تضم إلى عمليات التوثيق القياسية الأخرى لضمان مستوى مضاعف من الأمان والسلامة في عمليات الدفع الإلكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق