بوسطن كونسلتينج جروب: سوق السندات الخضراء تسرع أجندة الحياد المناخي في دول مجلس التعاون الخليجي
كشف تقرير جديد لـ “بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)” أن إصدار صكوك الاستدانة الخضراء والمستدامة شهد نمواً متسارعاً في منطقة الشرق الأوسط، رغم النقص النسبي في تنظيم الأدوات المالية الخضراء. وأشار التقرير إلى أن إجمالي إصدار الديون المرتبطة بالاستدامة في المنطقة شهد زيادة بأكثر من أربع مرات خلال العام 2021 مقارنة بعام 2020. وفي هذه المراحل المبكرة من التحول المناخي، هناك حاجة ماسة لرأس مال صبور وعالي المخاطر للاستثمار في القطاعات التي تعتمد في مساراتها لإزالة الكربون على التقنيات التي لا تزال في المراحل الأولى من التطوير، مثل الحديد والصلب والنقل البري الثقيل والشحن.
وأظهر التقرير الجديد الذي حمل عنوان “التمويل الأخضر لشرق أوسط خالٍ من الانبعاثات” كيف أن ضغط اللوائح التنظيمية في معظم دول الشرق الأوسط ليس قوياً بما يكفي لإجبار البنوك على اتخاذ إجراءات فورية بشأن دعم قضايا المناخ، رغم أن التغير المناخي يفرض مجموعة من المخاطر على محافظها الاستثمارية. ووفقاً للتقرير عادةً ما تكون البنوك الأكبر في البلدان المصدرة للوقود الأحفوري أكثر احتكاكاً وتعرضاً لصناعة النفط والغاز والقطاعات الاقتصادي الأخرى ذات الانبعاثات العالية مثل النقل والبناء والبنية التحتية والشحن.
وقالت شيلي ترينش، مدير مفوّض وشريك في بوسطن كونسلتينج جروب ومشارِكة في إعداد التقرير: “يتمتع القطاع المصرفي في الشرق الأوسط بفرصة الاستفادة بشكل كبير من تمويل مسار تحول صناعة النفط والغاز وغيرها من القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية إلى اعتماد تقنيات أنظف وأكثر استدامة. ويمكن للجهات التنظيمية وواضعي السياسات مواجهة هذا التحدي من خلال تحديد أسعار الكربون التي تمثل بشكل مناسب تكلفة الغازات الدفيئة، وتتوافق مع مستويات الأسعار العالمية للكربون. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها أيضاً خلق حوافز مالية وحوافز أخرى لدعم جهود إزالة الكربون ووضع سياسات بيئية وصناعية تتماشى مع أهداف المناخ”.
وبالنظر إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه بنوك وصناديق التنمية في دعم الاستثمارات الخضراء، يقدم تقرير “بوسطن كونسلتينج“ جروب ثلاث توصيات أساسية لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه:
وتشكل التحالفات الإقليمية بين البنوك ركيزة أساسية لتحقيق هذه الغاية، مثل التحالف المصرفي لخفض صافي الانبعاثات الكربونية (NZBA) ومبادرة الأهداف القائمة على العلم (SBTi)، بالإضافة إلى الانضمام إلى مجموعات العمل مثل الشراكة من أجل المحاسبة المالية المتعلقة بانبعاثات، للتأثير على الجهات المسؤولة عن صياغة الممارسات والمعايير العالمية.
ويشير التقرير الجديد كذلك إلى الحاجة الملحة لتدخلات رئيسة من جانب الجهات التنظيمية لدفع العمل المناخي من خلال الإبلاغ والإفصاح عن الممارسات والجهود الداعمة للجهود المناخية بغية إنشاء تصنيفات للأنشطة المستدامة. وتُعد شبكة تخضير النظام المالي – NGFS (مجموعة عالمية من البنوك المركزية والمشرفين الماليين)، عبارة عن منتدى رئيسي لتنسيق الجهود وتبادل أفضل الممارسات بين الجهات التنظيمية. وفي الوقت الحالي، انضم العديد من منظمي الخدمات المالية في منطقة الشرق الأوسط بالفعل إلى شبكة تخضير النظام المالي، بما في ذلك سلطة تنظيم الخدمات المالية في أبوظبي، وسلطة دبي للخدمات المالية، والهيئة العامة للرقابة المالية في مصر، والبنوك المركزية في كل من مصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس.
ويسلّط التقرير الضوء على مجموعة من التدابير المحتملة الأخرى مثل إنشاء هياكل تسعير الكربون التي يمكن أن تحفز الطلب على الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة والتقنيات منخفضة الكربون مع خفض الدعم للمشاريع عالية الكربون، وخلق فرص متساوية للجميع وجعل المشاريع الأنظف أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية. على سبيل المثال، يعمل سوق أبوظبيالعالمي (ADGM)، أحد المراكز المالية العالمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، على إ لإنشاء أول سوق كربون طوعي منظم بالكامل في العالم ودعم تحقيق أهداف دولة الإمارات بالوصول إلى صافي انبعاثات صفري لغازات الاحتباس الحراري.
وقال إيمانويل جيفاناكيس، الرئيس التنفيذي لسلطة تنظيم الخدمات المالية لدى سوق أبوظبي العالمي: “تعمل هيئة تنظيم الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي من خلال إطار تنظيمي شامل مقترح للتمويل المستدام، على تسهيل إنشاء أول بورصة منظمة بالكامل لتداول أرصدة الكربون وغرفة المقاصة الخاصة به في العالم، حيث يتم التعامل مع تعويضات انبعاثات الكربون على أنها أدوات مالية منظمة، بينما يتم تداولها وتسويتها كسلع فورية. ويكرس سوق أبوظبي العالمي وسلطة تنظيم الخدمات المالية جهودهما لتعزيز منظومة التمويل المستدام. ونتمتع اليوم بوضع قوي يخولنا استضافة المنتجات والخدمات المالية التي من شأنها المساهمة بتأثير إيجابي يدعم جهود دولة الإمارات العربية المتحدة والعالم لتحقيق أهداف الحياد المناخي”.
وفي المرحلة الأولية، سيكون دور الهيئات التنظيمية والتمويل التنموي أساسيين، حيث تعمل الجهات التنظيمية على وضع السياسات واللوائح اللازمة لتحفيز الطلب على تمويل مشاريع التصدي للتغير المناخي، بينما يمكن للمؤسسات المتخصصة بتمويل مشاريع التنمية أن تساعد في جذب استثمارات القطاع الخاص عن طريق تقليل مخاطر الاستثمار. في مشاريع التصدي للتغير المناخي من خلال حلول نماذج التمويل المختلط.
وبدوره قال أيتيك بسيونوكوف، رئيس مشروع في بوسطن كونسلتينج جروب: ” مع مرور الوقت، عندما يتم المباشرة بتطبيق لوائح تمويل المشاريع التي تستهدف التصدي للتغير المناخي وتصبح المشاريع الخضراء أكثر قابلية للتمويل، ستكون البنوك والمؤسسات المالية المصدر الرئيسي للتمويل من أجل التحول المناخي. وحتى ذلك الحين، ستستفيد بنوك الشرق الأوسط من مراجعة تأثير مخاطر التحول على محافظها الاستثمارية وإعداد نفسها للمستقبل من خلال تحديد مستهدفات خفض انبعاثات محافظها الاستثمارية، والانضمام إلى التحالفات العالمية لتبادل أفضل الممارسات. وسيؤدي عدم المبادرة باتخاذ الخطوات المناسبة إلى إبقاء المحافظ الاستثمارية معرضة على نحو متزايد ومستمر لتأثيرات تغير المناخ – وهو خيار أكثر خطورة بكثير على المدى البعيد”.