حكاية السيارة فورد كراون فيكتوريا
حكاية اليوم عن السيارة كراون فيكتورياوتعتبر من أشهر السيارات الأمريكية في تاريخ فورد ونقدر نقول أن مجد كراون فيكتوريا الحقيقي حققته في الشوارع وداخل كل المدن في العالم، كراون فيكتوريا ظلت سنين ملكة أحلام ناس كتيرة، وتعتبر آخر سيدان أمريكية تقليدية بدفع خلفي اتوقف إنتاجها وكمان كراون فيكتوريا ظلت سنين واحدة من نجمات هوليود وكيف – لا، وهي كانت حتى وقت قريب سيدة سيارات العوائل الخليجية وسيارات الشرطة والتاكسي في أمريكا. ولو حبينا نبدأ قراءة أول سطور تاريخ فورد كراون فيكتوريا حنشوف أن شركة فورد عام 1955، قدمت طرازات متنوعة من السيارة فيرلين أربعة أبواب وبابين ولكنها كانت بحاجة لاسم خاص لأعلى طراز فل في الفيرلين واللي كان مجهز بسقف زجاجي محاط بقوس حديدي يشبه التاج الملكي، وهنا قفزت فكرة اسم (فورد فيرلين كراون فكتوريا)، وتعني تاج الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا العظمى الأسبق واستمر الطراز الفل تحت هذا الاسم حتى عام 1957 لمن تم الغاء السقف التاجي واستبداله بطراز هاردتوب وهنا كان موعد ظهور الجيل الاول لفورد كراون فيكتوريا.
وبعد مرور 23 عام وفي عام 1980 بدأت فورد عملية إعادة هيكلة لسيارتها السيدان الشهيرة LTD واللي كانت المنافس المباشر لشفروليه كابريس وكرايسلر نيوركر من فئة السيدان كبيرة الحجم، ولكن ظهر وقتها لفورد أنها محتاجة اسم جديد لسيارتها، بدل الرموز والحروف الغامضة أحيانا، وجت الفرصة مع صدور طراز تارجا (نص كشف) للكوبيه والسقف المكسو بقماش الفينيل ومع أقواس الكروم المحيطية وهنا تم استعادة اسم كراون فكتوريا من جديد. يعني اللي حصل أن فورد قدمت سيارتها LTD كموديل لعام 1980 تحت مسمى كراون فيكتوريا، والمسألة ما كانت مجرد استبدال حروف بأسماء لكن التغيير الحقيقي بالسيارة كان نتيجة عمل وأبحاث مستمرة تضمنها برنامج downsized للبحث والتطوير والقائم على اعادة تصغير وزن السيارة السابقة لتوفير استهلاك الوقود بسبب ازمات النفط المتلاحقة على أثر حرب اكتوبر 1973 واللي استمرت تبعاتها الاقتصادية لحاد نهاية حقبة السبعينيات ونفس السيناريو حصل مع شفروليه كابريس وكرايسلر نيوركر ولكن كرايسلر خرجت من المنافسة بسبب انهيارها الكبير عام 1981.
وحصل الهيكل الجديد لكراون فيكتوريا على شكل صندوقي يناسب هوية الثمانينيات القادمة ووزن أخف 454 كجم عن السابق ومحركين V6 وV8 بسعة 5 لترات الشهير، وناقل حركة آلي 3 سرعات مع طرازات 4 و 2 ابواب، وستيشن واجون وطراز الشرطة الخاص للمطاردات والتاكسي وممكن أغلب المشاهدين راح يستغرب انه ليش هذا الطراز ما كنا نشوفه زمان؟ وفين كان مختفي؟
والجواب هو انه سيارات فورد كانت مقطوعة في الدول العربية بقرار من الجامعة العربية بسبب بنائها مصنع في اسرائيل عام 1968 واستمر الحال على ما هو عليه حتى فك الحظر عام 1987. وإذا كان في تاريخ كل سيارة شهيرة لحظات مفصلية ومؤثرة في مسيرتها فهذا حصل مع كراون فيكتوريا عام 1988، لمن حصلت على أول تحديثات منتصف عمر شبه جذري، والأمرالثاني انها وصلت سوقنا السعودي كاول كراون فكتوريا بعد فك حظر جامعة الدول العربية، اللي كان مفروض على فورد، المهم ان التغييرات الجديدة شملت واجهة مهيبة وتعديلات انسيابية لبعض الاجزاء الحادة في الهيكل واستبدال شعار حروف فورد بشعار فورد الازرق الشهير البيضاوي ونفس هذي التحديثات شملتها شقيقتها ميركوري جراند ماركيز ولينكولن تاون كار.
واشتدت المنافسة بين أضلاع مثلث صناعة السيارات الأمريكية وفي عام 1992 اطلقت فورد الجيل الثاني من كراون فكتوريا وقبلها بسنة دشنت شفروليه جيل جديد من كابريس، وكانت سيارة كراون فيكتوريا الجيل التاني شي مختلف تماما عن المعهود من حيث الانسيابية الكاملة بدل الشكل الصندوقى اللي ما عاد مقبول وقتها وكمان الغت فورد طراز الواجون والكوبيه علشان تتفرغ لتطوير طرازات اخرى أهم في الجزئية هذي مثل توروس الواجون واكسبلورر اللي كانت على وشك الظهورطبعا شهية فورد انفتحت شويه على كراون فيكتوريا ومنحت الجيل التاني محرك V8 جديد بسعة 4.6 لتر بدل المحرك السابق 5.0 ليتر وزادت قوة السيارة 40 حصان اضافية يعني وصلت لـ 210 حصان مع ناقل حركة آلي جديد من 4 سرعات، وفي هذاك الجيل ركزت فورد على تطوير طراز الشرطة الخاصة للمطاردات تحت اسم P71 واللي جت بقفص حماية داخلية واضاءة جديدة وبمحرك الطراز العادي لكن معدل وبقوة توصل 253 حصان واستمر هذا الجيل على خطوط الانتاج من عام 1992 حتى عام 1997 وانتجت منه فورد أكتر من 670,000 سيارة وكانت الأسواق الرئيسية لكراون فيكتوريا في اميركا الشمالية وأسواق الخليج العربي.
في مسيرة ملكة سيارات السيدان كراون فيكتوريا وقبل الألفية الثالثة وتحديدا عام 1997 طلعت فورد الجيل الثالث من كراون فيكتوريا كموديل لعام 1998، وصارت كراون فكتوريا وشقيقتها ميركوري جراند ماركيز هم المسيطيرين على ساحة السيدان الامريكية كبيرة الحجم
واللي حصل إن شفروليه كابريس اتوقف انتاجها وفشلت كرايسلر كونكورد في تحقيق اي نجاح لأنها كانت نسخة اوروبية باهتة هنا استغلت فورد فرصة خلو الساحة من أشرس المنافسين ودشنت الجيل الثالث من كراون فيكتوريا بهيكل صار اكبر واعرض وبنفس المحرك وناقل الحركة السابق، وغيرت في انظمة التوجيه والمساعدات وزودتها بإضاءة امامية وخلفية اكبر وكانت النتيجة مبيعات كبيرة حققتها الملكة كراون فيكتوريا خاصة لأجهزة الشرطة الأمريكية ولشركات التأجير العالمية. ووصلت مسيرة كراون فيكتوريا لبداية الألفية الجديدة، ودخلت من بوابة القرن الواحد والعشرين وهي مسيطرة تماما على الأسواق لكن زي ما بنقول دايما عند التمام يبدأ النقصان، والنقصان بدأ لمن ظهرت أسماء جديدة في ساحة السيدان وبمحركات V8 قوية في السوق الأمريكي وكمان الخليجي حنشوف مثلا ان شركة جنرال موتورز رجعت تاني شفروليه الكابريس من بوابة فرعها الاسترالي هولدن ووقتها كانت كابريس مخصصة بس للسوق الاسترالي والنيوزلندي والجنوب افريقي ولاول مرة تتصدر خارج الأسواق هذي بمقود في اليسار.
وطبعا أي قوة جديده بتظهر في أسواق السيارات بتاخد من رصيد القوة الموجود ومن هنا بدأ مؤشر مبيعات كراون فكتوريا في التراجع وكعكة السيدان كبيرة الحجم صارت مقسومة مش بس على كراون فيكتوريا وكابريس لكن كمان دخلت على الخط وبأسواقنا الخليجية عام 2005 كرايسلر 300 C وبمحرك V8 هيمي الخارق وكان من الواضح ان المنافسين كسبوا ارضية كبيرة وبسرعة وظهروا أكتر نشاط وحيوية من كراون فيكتوريا اللي ظلت متاخرة وحابسة نفسها داخل تقاليد تصميمية وتكنولوجية بتعود أحيانا لخمسينيات وستينيات القرن الماضي. علمنا التاريخ ان لمن نوصل لقمة التل فالخطوة التانية هي النزول/ وهذا ما حصل مع كراون فيكتوريا انها وهي على القمة منفردة ظهرت كابريس العائدة بقوة وكرايسلر C300 اللي بتنبض بالحيوية، أما الضربة الأقوى فكانت بقبضة وعضلات دودج لمن أطلقت طراز تشارجر اللي فضلته أجهزة الشرطة في امريكا جدا وأصبح المنافس الشرس لكراون فيكتوريا وبتتوالى الصدمات وفي عام 2009 كابريس رجعت تاني سيارتها C9 المخصصة لأجهزة الشرطة.
وفي عام 2011 وبعد تراجع شديد في مبيعات كراون فيكتوريا وضعف محركها الـ V8 مقارنة بالمنافسين اضطرت فورد انها تعلن بنفسها لحظة الرحيل الأخير لملكتها التاريخية كراون فيكتوريا اللي خرجت آخر سيارة منها من خطوط الانتاج بمصنع فورد في اونتاريو بكندا.